للإجماع معنيان نحب أن نوضحهما:
فهناك إجماع على حكم شرعي مستفاد بطريق القطع من كتاب الله تعالى أو من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن هذا الإجماع يعتمد على نص هو الذي أثبت الحكم الشرعي، ويستوي في هذا النص أن يكون من الكتاب أو السنة ما دامت دلالته قاطعة!
والمُجمِعون هنا هم الأمة كلها من عامة وخاصة.
الأمة الإسلامية إذا اتفقت كلمتها على حكم شرعي من هذا القبيل فقد زادت الحكم قوة ومنعت للأبد أي شغب عليه،
ولما كانت الأمة لا تجتمع على ضلالة فإن الخروج على هذا الحكم يعد انفلاتًا من الإسلام وخروجًا عن الدين.
أما الإجماع الآخر فهو اتفاق أهل النظر أو أرباب الاجتهاد على حكم ثبت بطريق القياس أو رعاية المصلحة أو تطبيقًا للقواعد الفقهية المعتَبَرة، أو ما أشبه ذلك من أدلة.
ويجب احترام هذا الإجماع والتزام الأفراد به، وإذا حدث ما يستوجب إعادةَ النظر فيه فهو يُنسَخ بإجماع آخر من أهل الذكر وأصحاب الحَلِّ والعَقد.
وليس لأحد أن يتصرف متجاهلًا هذا الإجماع.
والأمة التي تحترم نفسها والأفراد الذين يحترمون أمتهم لابد أن يتقيدوا بهذا الإجماع؛ لأن الخروج عليه قد يكون فسوقًا أو عصيانًا، وربما لابسه ما يؤدي إلى الكفر.
ونعود إلى شرح الإجماع بمعنييه وضرب الأمثال التي تكشف حقيقته!
أمر الله بالصلاة فقال: (حافظوا على الصلواتِ والصلاةِ الوسطى وقوموا لله قانتين) (البقرة: 238).
ثم علم الرسول الأمة كيف تصلي وبين عمليًّا أن الصلوات المفروضة تحتوي على سبع عشرة ركعة موزعة على الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء،
وأن كل ركعة بها ركوع واحد وسجودان.. الخ.
وأجمع المسلمون إجماعًا مؤكَّدًا منذ القرن الأول على هذه الحقائق، ما شذ أحد!
فإذا جاء اليوم من ينكر فريضة الصلاة، أو من ينكر أداءها على النحو السابق فليس بمسلم!
من كتاب 100 سؤال عن الأسلام ... محمد الغزالى
0 Comments