الأندلس .. فتح أم أحتلال .. الجدلية (مقتطف من مقال أيمن حويرة)



جدلية عمرها أكثر من خمسة قرون لا فائز فيها .. قضية “الأندلس.. فتح أم احتلال”.


الجدلية

ما حدث عام 711م على يد طارق بن زياد، وهل هو فتح أم احتلال، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بما حدث عام 1492م وقت أستسلام قرطبة وما بعده وحتى قرار طرد الموريسكيين (أهل الأندلس المسلمين) في بدايات القرن السابع عشر وهل هو أحتلال أم أسترداد.
القضية ثنائية، الحادثين إما فتح/احتلال أو احتلال/ استرداد .


فتح/احتلال (وجهة نظر المسلمين والعرب المتعاطفين مع الأندلس)
أطروحات المسلمون دائمًا ما يشوبها إما ضعف في الحجة أو خلل في المنهجية. حين يتم مخاطبة غير المسلم بأدلة من الشرع والعقيدة الإسلامية أو يتم إضافة بعض الأحداث غير الحقيقية أو دحض الأحداث الحقيقية لدعم وجهة نظر ما.
“جاء المسلمون لإنقاذ أهل الأندلس – حينها – من الظلم الواقع عليهم من القوط”، هذا الطرح سهل لرد عليه بأن من جاء لينقذ شعبًا مظلومًا لا ينبغي له أن يبقى ليحكم بل أن يرفع الظلم ثم يمضي من حيث جاء. الأطروحات التى تتدثر بثوب المثالية تفقد مصداقيتها ويقابلها الأطروحات المغرقة في السواد المغلف بالتضليل. وبين أولئك وهؤلاء تغيب الحقيقة.

احتلال/ استرداد (من وجهة نظر الأسبان بل وبعض المسلمين)

وجهة النظر ركيكة جدا لأن الإسبان أنفسهم، وفي نفس عام تسلمهم لآخر معاقل المسلمين في الأندلس 1492م انطلقوا بسفنهم يجوبون العالم من أجل الغزو ولأن كلمة احتلال لها سمعة سيئة ولأن كلمة فتح هي كلمة إسلامية بحتة، أخترعوا مصطلحًا جديدًا “اكتشاف العالم الجديد” كأن هذا العالم كان أرضًا خاوية ليس لها سكانها وحيواتهم التي أغاروا عليها ونسفوها تمامًا كما تقول قواعد الاحتلال المثالية.

وهذه المجازر لم تختلف عما حدث على يد نفس المحتل الإسباني لأمريكا من محاكم التفتيش لأهل الأندلس المسلمين “الموريسكيين” منذ سلم بنو الأحمر غرناطة وحتى قرار الطرد الشهير بعدها بأكثر من مائة عام.
التساؤل الآخر: لماذا طرد الإسبان اليهود أيضًا؟!

ما الفارق بين الفتح والاحتلال والغزو؟

الغزو هو السير إلى قتال الأعداء في أرضهم وهي لفظة محايدة لا تحمل في طياتها خيرًا أو شرًا، هذا الغزو يعقبه إما فتح (خير) أو احتلال (شر).
ما حدث 711م كان غزوًا بمفهوم هذا العصر وهذا لا غبار عليه بمقاييس هذا الزمان وبعيدًا عن البعد العقائدي.

وجهة النظر الأسلامية في الفتوحات وهل كان هذا فتحًا بمقاييس الإسلام؟

الفتح كان الوسيلة الوحيدة لنشر الإسلام في العصور السالفة دون أن يُمس الدعاة بأذى.
لهذا كان الفتح (الغزو) في أغلب الأحوال هو الخيار المتاح بعد عرض الخيارين الآخرين (الإسلام أو الجزية) على هذه الدول.
سبب الفتوحات الآخر هو حماية حدود الدولة.
المهم أن المسلمون انتهجوا منهج الإسلام في هذا الفتح بل وبعد الفتح، فلم يفسدوا في الأرض أو يظلموا سكان الأندلس الأصليين بأجماع الآراء. وتكيف الشعب مع المسلمين وانصهارهم سويًا أفضل رد بأن ما حدث لم يكن احتلالاً (بمفهومه السيء).

لماذا إذن يعارض بعض الغرب والمسلمين هذا الطرح (الفتح) ويظهرون تعاطفهم الصارخ مع الإسبان؟
بل أن بعضهم يسوون ما فعلته إسبانيا منذ خمسة قرون وما يفعله الفلسطينيون اليوم من مقاومة بغية استرداد أرضهم.
لأنه لو كان فتحًا إسلاميًا لكانت فكرة العودة واستعادة الأرض يومًا ما حلمًا مشروعًا للمسلمين، لذلك فاجتثاث الفكرة من جذورها هو الأنسب من وجهة نظرهم حتى لو تعاطفوا مع أبشع تصفية عرقية في التاريخ (محاكم التفتيش الأسبانية).

المصدر

الأندلس وجدلية الثنائيات - مقال بقلم أيمن حويرة - ساسة بوست.

Post a Comment

0 Comments