إرميا عليه السلام ... النبى البكّاء الذى تنبأ بخراب بيت المقدس وقصته مع بُختُنَصَّر



نسبه

أَرميا (أرمياء) ابن حلقيا من سيط لاوى ابن يعقوب 

يوجد سفر فى التوراة والعهد القديم بأسم "سفر إرميا"
ينسب إليه سفر يدعى " سفر أرميا " وله مراثي في خراب ودمار أورشليم تعرف ب"مراثي أرميا" أو "سفر المراثي".
باللاتينية Jeremiah

موعد بعثته

كان أرميا نبيا من الأنبياء فى فترة فساد بنى أسرائيل التى تلت موت النبى سليمان -الحكيم- ابن داود عليهما السلام (عهد أوج عظمة بنى أسرائيل).
وتلا إرميا بفترة من الزمن بعثة الأنبياء زكريا ويحى وعيسى عليهم السلام آخر أنبياء بنى أسرائيل.

حال بنى أسرائيل قبل بعثة إرميا - قصة أشعيا وبداية تهديد بيت المقدس

أكثر بنى أسرائيل من الأفساد فى الأرض فأرسل الله نبيا يسمى شعيا بن أمصيا (أشعيا) باللاتينية Isaiah اليهم وكان ملكهم صالحا وأسمه "حزقيا" وكان مريضا.
أنذر شعيا بنى أسرائيل بأن الله أوحى له بأنه سيرسل من يخرب ديارهم وكان بالفعل ملك بابل وقتها وأسمه سنحاريب يتحرك للهجوم عليهم بجيش جرار.
بقى حزقيا يسجد لله باكيا ويدعو الا يهلك بنى أسرائيل وهو ملكهم وأن يرفع العذاب فأوحى الله لشعيا أنه رفع العذاب بدعاء الملك الصالح وشفاه وكفاه شر سنحاريب الذى أباد الوباء جيشه الا 5 هو منهم وقيل منهم بختنصر وأجل الله العذاب.

إرميا البكّاء يحذر بنى أسرائيل من الخراب

كان إرميا عليه السلام صالحا، ورعا، زاهدا وكثير البكاء من خشية الله، فعرف ب "النبى البكّاء" لخوفه من الله تعالى وحمله على عاتقه نبؤة خراب بيت المقدس.
وقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (الأسراء 4)
والعلو هنا هو الأفساد فى الأرض كما وصف الله فرعون بأنه من العالين فبنوا أسرائيل نسوا عهد الله وأقترفوا المعاصى وقتلوا كل من نصحهم من الأنبياء والصالحين والصديقين.

بعث الله إرميا ليأمرهم بأتباع أوامر الله فى التوراة ويذكرهم بنعمه اذ جعلهم ملوكا فى بيت المقدش بعد أستعباد اباؤهم فى مصر ويحذرهم بطش وأنتقام الله الجبار وتنبأ أن الله سيسلط عليهم ملكا يقتلهم ويحرق التوراة ويهدم معبد سليمان (المسجد الذى بناه سليمان عليه السلام لعبادة الله ويدعى اليهود أن موقِعُهُ داخل حرم المسجد الأقصى أو بجواره) وقيل وعظهم 40 سنة.
قابله بالعصيان والتكذيب قالوا : "كَذَبْتَ وَعَظَّمْتَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ ، فَتَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ مُعَطِّلٌ أَرْضَهُ وَمَسَاجِدَهُ مِنْ كِتَابِهِ وَعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ ، فَمَنْ يَعْبُدُهُ حِينَ لَا يَبْقَى لَهُ فِي الْأَرْضِ عَابِدٌ وَلَا مَسْجِدٌ وَلَا كِتَابٌ ؟ لَقَدْ أَعْظَمْتَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ وَاعْتَرَاكَ الْجُنُونُ" ثم ألقوا القبض عليه وسجنوه ومكث في السجن سنين فى حكم الملك صدقيا ملك مملكة يهوذا وأورشليم.
 

من هو بختنصر أو نبوخذ نصر الكبير (نبوخذ نصرالثانى)

نبوخذ نصر - ملك الكلدانيين البابليين
نبوخذ نصر - ملك الكلدانيين البابليين


بُختُنصَّر (بُختُ نصَّر أو نبوخذ نصر أو بخترشاه ) هو أعظم ملوك بابل الكلدانيين (المملكة البابلية الثانية) وهو ابن نبوبولاسر الذى أسقط نينوى عاصمة آشور. 
وسمى -الثانى- لوجود ملك آخر استخدم هذا الاسم قبله وهو نبوخذ نصر الأول الذي حكم بابل في القرن الثاني عشر قبل الميلاد (1200 ق.م).
وقد هزم بختنصر الآشوريين والفراعنة -حليفهم وقتئذ- وأحتل أرض سوريا وفلسطين حتى وصل لغزة ودحره جيش الفراعنة ولكن الفراعنة حثوا سكان فلسطين من الكنعانيين وبنى أسرائيل على العصيان.
وقد ثارت مملكة يهوذا (مملكة من مملكتى اليهود وقتها وعاصمتها أورشليم -بيت المقدس-) عليه مرتين ورفضت دفع الجزية.
فهزمهم بختنصر مرتين: الأولى فى عام 597 ق م (السبى البابلى الأول) سبى ملكها وبعض بنى  أسرائيل وعين ملكا غيره دفع الجزية والمرة الثانية 587 ق م (السبى البابلى الثانى) وهى التى خرب فيها القدس وسبا بنى أسرائيل.

ويقال أنه من الأربعة الذين ملكوا الأرض. وقد ذكر الله الملكين المسلمين الذان ملكا الأرض بأسمهما: ذو القرنين و سليمان -عليه السلام- وذكر الكافران بدون أسماءهما: النمرود و بختنصر.

خراب بيت المقدس والسبى البابلى (الثانى)


فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) 
 ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) 
 إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا  (الأسراء 7)
 سلط الله على بنى أسرائيل نبوخذ نصروأغراه بهم فحاصر أورشليم (عاصمة مملكة يهوذا) ثم أقتحمها فهدمها وخربها وهدم معبد سليمان وكل المعابد (المساجد) وحرق التوراة وقتل الرجال ووطء الشيوخ والعجائز بالخيل  ثم أخذ بنى أسرائيل سبايا النساء والأطفال يسوقونهم كالأنعام الى بابل ليستعبدهم فى خدمة البابليين وكان ممن سبى النبى إرميا.

قصة إرميا مع نبوخذ نصر وعودته من بابل

ولما علم نبوخذ نصر بوجود إرميا بالسجن أمر بإطلاق سراحه، وأحضره لديه 
وقال له: أكنت تحذر قومك ما أصابهم؟ فقال أرميا عليه السلام: نعم، فان الله أرسلني إليهم فكذبوني، 
قال نبوخذ نصر: كذبوك وضربوك وسجنوك؟ قال عليه السلام: نعم، 
قال نبوخذ نصر: بئس القوم قوم كذبوا نبيهم، وكذبوا رسالة ربهم، ثم خيره بين المجيء معه أو البقاء في فلسطين، ففضل أرميا عليه السلام البقاء في بلاده، فتركه بعد أن أحسن إليه هو وبعض ضعفاء بنى أسرائيل.

أنتهاء الأسر وتفرق بنى أسرائيل

بقى بنى أسرائيل فى الأسرحوالى 70 عاما حتى سقوط الأمبراطورية البابلية الثانية على يد قورش الأكبر حاكم فارس في ذلك الوقت. 
أطلق قورش سراح بنى أسرائيل وسمح لهم بالعودة إلي أرض فلسطين التى صارت أنقاضا لعصيانهم ومع رجوع بعض بنى أسرائيل الا أن كثير منهم رفضوا العودة للأرض التى عصوا الله بها وخربت وتفرقوا فى الأرض بعد أن كانوا شعبا واحدا بسبب غضب الله عليهم.
وقد ضاعت التوراة فلم يبقى لها نسخة ولم يبقى من يحفظها حين عادوا من بابل ولكن جاء رجل صالح أماته الله مائة عام هو وحماره ثم أحياه ليكون آية وليكون آخر من يحفظ التوراة هو "عزير" (أو العزير) . وقد بالغ بنى أسرائيل فى تقديسه لما مات وأحياه الله ولأنه جاء بالتوراة فقالوا ابن الله كفرا وظلما.
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (التوبة 30)
 

وفاته عليه السلام

أنتقل إرميا من بيت المقدس الى مصر حيث مات على يد اليهود فقد سجنوه في بئر، ثم أخرجوه ورجموه حتى استشهد، فدفنوه في مصر، وفي عهد الاسكندر نقل تابوته إلى الإسكندرية ودفنوه بها.
وقيل  انه رجع من مصر إلى بيت المقدس وعاش فيها 300 سنة ثم توفي.

المصادر:
قصص الأنبياء (جزء من كتاب البداية و النهاية لأبن كثير)
الكامل فى التاريخ (ابن الأثير)
ويكيبيديا العربية


Post a Comment

0 Comments